قالت صحيفة التلغراف البريطانية، إن دولة الإمارات العربية المتحدة تحاول تشويه سمعة الأكاديمي ماثيو هيدجز الذي كان معتقلاً في سجونها، وذلك من خلال توزيع ملف يحتوي على معلومات حميمية عنه، بما في ذلك تقرير طبيب نفسي وصور له في زنزانته.
وأشارت الصحيفة في تقرير له، أن السفارة الإماراتية في لندن وزعت ملفا على وسائل الإعلام، مكوناً من 19 صفحة، يتضمن صورًا التقطتها الدوائر التلفزيونية المغلقة لهيدجز في زنزانته الخالية من النوافذ، ومقابلة طبيبه وإجراء مكالمة هاتفية، إضافة إلى صورة تظهره مع زوجته دانييلا تيخادا في يوليو 2018، خلال الزيارة الوحيدة التي سُمحت لها.
وأوضحت الصحيفة أن الملف الذي وزعته السفارة، قدمته السلطات الإماراتية في الأصل إلى لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة في يونيو من العام الماضي كرد على الأدلة التي قدمها هيدجز إلى اللجنة بشأن تعذيبه في سجون أبوظبي.
وبحسب الصحيفة، يزعم الملف الخاص الذي قدمته الإمارات أن هيدجيز عومل معاملة حسنة، بما في ذلك صور له جالسًا على مرتبة، والتي يمكن استخدامها كسرير، وهو يقرأ كتابًا، بينما يؤكد المسؤولون الإماراتيون أنه عومل في جميع الأوقات بـ”الاحترام والكرامة” ولم يتعرض أبدًا “لأي حالة من التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
من جهته، أدان هيدجز، الذي سجنته الإمارات لـ6 أشهر، الوثيقة باعتبارها انتهاكًا صارخًا للخصوصية، قائلاً إنها ضاعفت من اضطراب ما بعد الصدمة الذي عانى منه منذ إطلاق سراحه.
وأكد الأكاديمي البريطاني، في تصريحات لـ”التلغراف” أن إصدار الملف تسبب له بضيق شديد، قائلاً: “لقد أصبت بنوبة هلع عندما رأيت صور الدوائر التلفزيونية المغلقة، لأنها كانت المرة الأولى التي أرى فيها صورًا من هذا الوقت. أعادني مباشرة. لقد كانوا يتجسسون علي خلال الاجتماع الوحيد الذي أجريته مع زوجتي. كان أصعب جزء في رؤيته في الصور”.
وشبّه هيدجز، الذي أكمل درجة الدكتوراه في جامعة دورهام ، تكتيكات الإمارات في إصدار مثل هذه الوثيقة بتلك التي اعتمدتها الشرطة السرية في ألمانيا الشرقية لتدمير خصومهم.
وأشار هيدجز إلى أن الصور التي يظهر فيها وجود مرتبة، لم تلتقط إلا بعد اعترافه، وفي ذلك الوقت كان محتجزًا في مبنى إدارة البحث الجنائي في أبوظبي، بالقرب من جامعة زايد، لعدة أشهر.
وقال هيدجز: “اضطررت للنوم على الأرض عدة أشهر قبل أن يعطوني مرتبة، وكان الضوء في الأشهر القليلة الأولى مضاء بالنهار والليل”.
وأشار هيدجز “تم اقتصاص صورتي حتى لا يظهر الحراس والجنود، مؤكداً أن عناصر أمن الدولة كانوا حاضرين على الدوام. و كانوا يصرخون في الطبيب الهندي وهو يعطي لي الحبوب. لقد تم إجباري على شرب كوكتيل من المخدرات “.
ورغم أن السلطات الإماراتية أكدت في الملف أنها سمحت لهيدجز بالاستحمام مرة واحدة في الأسبوع وفقًا لقواعد معايير الأمم المتحدة الدنيا للسجناء، إلا أن الشاب البريطاني يقول إنه تم استجوابه لمدة تصل إلى 15 ساعة في اليوم ، مشيراً إلى أنه قبل اعترافه، كان الاستحمام مرة واحدة في الشهر وأنه في مرحلة ما كان يرتدي نفس الملابس لمدة 8 أسابيع.
كما يرفض ادعاء الإمارات بأنه لم يشتك من معاملته أثناء الاحتجاز ووصفه بأنه “مثير للضحك”.
وأوضح هيدجز: “آخر شيء تريد القيام به في هذه المواقف هو رفع شكوى من شأنها أن تؤدي إلى احتجازك لفترة أطول”.. “أنت فقط يائس للمغادرة. لماذا تنتقد أولئك الذين يحتجزونك، فلديهم القدرة على فعل أي شيء ويعلمونك بذلك”.
وأضاف السيد هيدجز، أن ” الملف الإماراتي تم تقديمه في اليوم التالي، لتقديمي الأدلة إلى لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة في جنيف”، كاشفاً عن تعرضه للمضايقة والتصوير من قبل وفد الإمارات وملحق الشرطة في لندن.
وتابع هيدجز: “لقد كان البلطجة بشكل علني من أجل الضغط علي وترهيبني ، لإسكاتي. إنهم يعملون بنفس الطريقة التي يعمل بها الروس والصينيين “.
وقال هيدجز: “عليك أن تسأل نفسك لماذا يطلقون هذا الملف الآن؟ الإمارات هي مركز لنشاط مناهض للعقوبات التي تم فرضها على روسيا، وقد سلطت الضوء على ذلك مؤخرًا. هذه طريقة لتشويه سمعي”.
يشار إلى أن هيدجز، هو أكاديمي بريطاني، اعتقلته السلطات الإماراتية في مطار دبي 5 مايو 2018 بتهمة “التجسس لصالح المخابرات البريطانية”، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة في نوفمبر من نفس العام، لكن أبوظبي أفرجت عنه لاحقاً في نفس الشهر بموجب عفو رئاسي بعد إجباره على تسجيل اعتراف مصور.
وتزعم حكومة الإمارات أن هيدجز أدين بعد محاكمة عادلة وعومل وفقًا للمعايير الدولية أثناء الاحتجاز.
وأصدرت حكومة الإمارات بياناً حول الملف الذي تم توزيعه على وسائل الإعلام قالت فيه: “حملة هيدجز المستمرة والممولة بشكل جيد والمكثفة، وتصعيد مزاعمه الكاذبة في المجال العام، أجبر الإمارات على تقديم بعض المعلومات المتوازنة لوسائل الإعلام”.
وأضاف البيان “تم النظر بعناية في إصدار التقارير والصور من فترة احتجاز السيد هيدجز في الإمارات، وكان الدافع وراء ذلك هو اتهامات السيد هيدجز المستمرة والكاذبة بشأن معاملته. كما تظهر المواد، وعلى عكس ادعاءاته المستمرة، تلقى السيد هيدجز الرعاية والعلاج المناسبين تمامًا”.
وأوضح البيان “أن السيد هيدجز كان لديه فراش ومواد للقراءة وجهاز تلفزيون والوصول إلى الأسرة والمسؤولين القنصليين والمحامين ورعاية طبية مكثفة. لم يتعرض أبدًا أو مهدد بالتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من أي نوع “.